-A +A
صالح إبراهيم الطريقي
بدأت «هيئة مكافحة الفساد ـ نزاهة» تستفيد من وسائل التقنية والاتصالات في بث رسائل خاصة لها، وأول رسالة موعظة وصلت لي تقول: «حث الإسلام على الأمانة، وهي أعلى قيم النزاهة.. هيئة مكافحة الفساد ـ نزاهة»، وهي نفس الموعظة التي سمعتها بالمدرسة والمسجد والإعلام، لهذا أصبحت أرددها على الآخرين، والآخرون يرددونها على آخرين غير الآخرين الذين أعرفهم، ومع هذا لا بأس وليس لدي اعتراض من باب «زيادة الخير خيرين».
الرسالة الموعظية الثانية التي وصلتني تقول: «إفشاء أسرار العمل، مخالفة شرعية وقانونية.. هيئة مكافحة الفساد ـ نزاهة»، وهذه تحديدا ضبابية وغير واضح القصد فيها، وطالما لجأت «نزاهة» للوعظ والتوعية، عليها أن تشرح ما المقصود أو تصحح لمن لديه فهم خاطئ بمفهوم «أسرار العمل التي يطالك القانون لو أفشيتها».

فعلى سبيل المثال أنا أفهم «إفشاء الأسرار»، مرتبط على مستوى القطاع الخاص أن يسرب موظف الشركة استراتيجيات الشركة في الاستثمار أو الأرقام التي تضعها في المناقصات كقيمة للعقود، لأنه هنا ساعد الشركات المنافسة لأن تضرب عقود الشركة.
على مستوى القطاع العام، المعلومات التي لا يجب تسريبها أو التي سيطالك القانون إن سربتها، أمور تخص الأمن القومي للبلد، كتسريب معلومات عن انتشار الجيش ومواقع مؤسساته أو الخطط العسكرية أو الخطط الأمنية لحماية المنشآت العامة والخاصة، فتسريب هذه المعلومات سيساعد العدو أو من يريد سرقة المنشآت، وبالتالي مسرب المعلومات خائن أو شريك في جريمة السرقة.
أما قيمة العقد الذي أبرمته وزارة أو مؤسسة حكومية مع شركة، أو مسيرات الرواتب والانتدابات، أو مخاطبة بين جهة عامة وأخرى عامة أو حتى خاصة، فهذه الأمور لا تدخل ضمن «إفشاء الأسرار المخالفة للقانون»، لأن الوزارات مسماها الآخر «قطاع عام»، أي هي شأن عام يهم ويخص المواطنين والمواطنات، وطالما هو شأن عام ينتفي عنه صفة «أسرار»، ومن حق المواطنات والمواطنين الاطلاع عليها متى شاءوا دون أن ينتظروا من يسرب لهم قضايا تخصهم.
أقول هذا حسب فهمي لما هو سري وما هو حق عام، فهل تشرح «نزاهة» للمواطنين والمواطنات ما المقصود «بالمسج»، أو تصحح للكاتب معلوماته حول ما هي الأسرار التي تهدد أمن الوطن، وما هو شأن عام؟